تابع قصة / أنا منك و انت مني

7 مارس

“سامحني … لا أستطيع”

كانت هذه رسالتي ليوسف … فلم أتخيل نفسي أظلم انسانة تعيش حياة هانئة مع زوجها بالرغم من أنني متاكدة بأن يوسف رجل ليس كباقي الرجال … و لا يمكن أن أجد مثله ولو بحثت عنه … و لكن كيف ستهون علي نفسي ؟ … كيف سأتسبب بأذية أشخاص أخرين … زوجته و أطفاله …؟ كيف سأبني سعادتي على تعاسة آخرين …؟

لا أستطيع …

يوسف … سأبتعد عنك … سامحني سارحل عنك … سأحمل كل اوراقي وسأرحل … سأبتعد بقدر حبي لك … سابتعد وانا احبك بكل قوتي … سأرحل لأن حبي لك يؤذي آخرين … أناس تحبهم و يحبونك … انت جزء منهم و هم أجزاء منك … اعذرني فأنا لا أسبب الألم لغيري … اعذرني فلن اعاقب اسرتك بذنبي … ساضع حبي الكبير لك فوق رفوف ذكرياتي … و لكنك لن تفارق خيالي …

أنا من سأخسر بالنهاية…

ساضحي بقلبي المسكين كي ترتاح هي … ساضحي بكل آه تنهدها عندما تمنيتك

سأرحل … اتمنى ان يسامحني قلبي بعد قراري باعدامه …سأرحل … و سأتركك لها … فأنت نصيبها آآآآآآه و أي نصيب … هذا قدري و انت قدرها … فاعذرني لا استطيع …

ارسلت الرسالة … كنت أجلس على سريري و اضم ارجلي لصدري … دفنت راسي بين ركبتي و بكيت بحرقة … بكيت بكيت و أحسست بالاختناق و لم استطع التنفس … حاولت النهوض من سريري حتى افتح النافذة و اتنشق الهواء و لكني سقطت مغشياً علي على ارض الغرفة بجانب سريري غارقة بدموعي و دماء قلبي الجريح …

كنت سأفقد روحي لولا رحمة الله بي و بأبنائي الصغار … فهو وحده يعلم لو مت انا ماذا سيكون مصيرهم … سيظلمون و أي ظلم … ارسل الله ابني الاكبر “خالد” ذو التسعة أعوام … كان يريد ان يسالني بامر يخص دراسته … فوجدني ملقاة على الأرض و قد اصيب رأسي بحافة السرير و بدأ النزيف يشتد … صار يركض بالبيت لا يعرف ماذا يتصرف … يصرخ و ينادي ابي الرجل المسن الذي لا يقدر على المشي الا بمساعدة … اخبره ان يحضر الهاتف ليتصل بالاسعاف … و لكن خالد امسك هاتفي المحمول و اتصل على اول رقم ظهر له بالقائمة الرقم الذي ارمز له بالنقطة “.” … و قد كان يوسف …… !!!

رسالتها صدمتني … توقعت منها ان ترفض و لكنني رجحت الموافقة … ربما لأنني تمنيتها … فقد احببتها و اردتها حلالاً لي … لماذا يا غالية ؟ لماذا تحرميني؟ امنيحني فرصة أخرى و فكري بقلبي الذي أحبكِ و يشتهيكِ …

و في غمرة صدمتي و دهشتي و عزمي على المحاولة الثانية و الثالثة حتى ترضى … رن هاتفي الجوال و ظهر لي الرمز “@” و الذي يرمز لرقم غالية …

لابد و انها غيرت رايها او انها تريد سرد اسباب لن تقنعني …

يوسف: -الو

خالد: …..

يوسف: غالية …

خالد: انا ابنها الاكبر اسمي خالد …

اعتلت الدهشة يوسف و امتلأت السماء حوله بعلامات استفهام و تعجب …

ففضل أن يبقى صامتاً …

خالد: امي ملقاة على الارض لا اعلم ما بها …

انفعل يوسف و تغيرت علامات الدهشة التي كانت تظهر على وجهه فأصبحت علامات خوف و قلق …

-ماذا حصل؟

خالد صار يبكي –لا أدري ؟؟؟!

رد يوسف محتاراً -حسناً … هل تستطيع ان تخبرني اين تسكنون ؟

-لا …!!!!!

-من يعرف؟

-جدي …

اختلط الامر على يوسف و زادت حيرته … كيف سيحادث الجد و على اي اساس ..و لكنها غالية … ربما تكون بحالة خطرة … و بعد تردد …

-ضعه على الهاتف …

لم يكمل لي وصف مكان البيت … كنت منظلقاً بسرعة لم تشهدها سيارتي من قبل و الطريق الذي يأخد مني ربع ساعة … قطعته في ثلاث دقائق …

دخلت بيتها رأيتها تسبح في دمائها و قد البسها ابنها عبائتها و غطى ابوها شعرها بالشيلة … فحملتها بين ذراعي … وضعتها بسيارتي مع ابنها خالد … و في طريقي للمستشفى كنت ارتجف من الخوف عليها … لم أعلم أنها تحبني … ظننت أنني من ألقى بنفسه عليها و تطفل على حياتها …

-حالتها خطرة جداً و تحتاج لعملية عاجلة …

قالها الطبيب المناوب في الطوارئ …

-حسناً ماذا تنتظرون ؟

-لا نستطيع نحتاج لكمية كبيرة من الدم…

من لها غالية ليتبرع بالدم و ينقذها …؟

بدون تردد رد الرجل الشهم صاحب المواقف النبيلة …

-خذوا دمي …

يوسف:

دخلت غرفة العمليات … تطابق دمي و دمها و كأننا روح بجسدين …

كنت أنظر لها من النافذة الزجاجية التي تطل على غرفتها … و لكني لم أطل الوقوف حتى لا أسبب احراجاً لها في المستشفى و أمام من كان يأتي لزيارتها و للاطمئنان على حالتها …

– بخير … ستكون بخير ان شاء الله

قالها الطبيب المشرف على حالتها ثم اردف :

-هل انتَ زوجها ؟

-لا مجرد صديق للعائلة …!

نظر الي مندهشاً … و كأن ردي لم يعجبه … ثم انصرف لعمله

في تلك الليلة خرجت من المستشفى حزين و خاطري مكسور … ضعيف و مخنوق … فعندما شعرت ان الدنيا اخيراً ابتسمت لي و انني وجدت الانسانة المناسبة … سرعان ما اختطفتها مني … جلست في سيارتي … متعب لأقصى درجة … اتمنى ان اصل بيتي و انا بخير … آآآه كم يؤلمني رأسي من التفكير … في طريقي بكيت كثيراً … حتى انني تنحيت جانباً و أوقفت سيارتي و جلست أفكر في غالية …

فتحت هاتفي المحمول و كتبت لها رسالة ” أنا أدفع عمري كله لترجعي لي … و ليموت الكون لتبقي معي … و لترجع لحظة من حياتك … فمن بعدك لا معنى للحب … قلبي اختارك و لن ارضى الا تكوني لي … “

سأرسلها غداً صباحاً ربما تكون قد أفاقت … و أريدها أن ترى رسالتي فور استيقاظها …

بعد ذلك شعرت بقليل من الراحة لأنني اخرجت بعضاً من حزني و المي في هذه الرسالة …

دخلت المنزل و كات زوجتي تنتظرني و كأنها ملكة ليلة تتويجها … ترتدي فستاناً من الساتان الأحمر عاري الكتفين و قد لفت شالاً أحمراً حول رقبتها … رااائعة و مثيـــرة … و في قدميها الناعمتين حذاءً أحمر ذو شرائط بمنظر آخاذ …

أما شعرها فقد أسدلته بالرغم من قصر طوله و لكنه كان ناعماً و جذاباً … و ليس مبوطاً للخلف بربطة مطاطية كما اعتدت أن أراها سابقاً …

امعنت النظر أكثر فرأيت خصلاًو قد صبغتها باللون الذهبي تنسدل على جبهتها …

مددت يدي لأرفع تلك الخصلة فنظرت لي بطريقة لم أستطع مقاومتها …

ثم نظرت لسفرة العشاء وقد اعدت زوجتي عشاء رومنسياً لشخصين و حضرت كل أصناف الطعام التي أحبها و هي المأكولات البحرية بأنواعها … مع عصير الفواكه الطازجة و المنعشة …

يااااه هل هذه هي منال حقاً ..؟؟

ما هذه الرقة؟ اين كانت هذه الأنوثة مختبئة ؟!

-منال

-حبيب منال … روح منال … اؤمرني يا حبيبي

-حبيبتي ما يؤمر عليكِ ظالم … و لكن لمن هذا العشاء …؟

ضحكت بشقاوة و دلع …

-لمن يعني يا حبيبي …؟ لنا طبعاً … أنا و أنت فقط …

و غمزت بطرف عينيها …

واااااه سيقتلني الدلال … كم كنت متعباً و مرهقاً و لكنني نسيت كل تعبي …

-سلمتِ يداكِ … أين الأطفال …؟

-معقول يعني يا عمري … قلت لك الليلة ليلتنا … لا نريد ان يفسدها وجود الأطفال …

-امممم لماذا بدون أطفال …؟

– ههههه يا لشقاوتك …

و ضحكت بلطف …

-و من يستطيع تفويت هذه الليلة … و لكني بحاجة لحمام سريع و سآتي فوراً لنتقاسم اللقيمات …

-حمامك جاهز …

دخلت الحمام ووجدتها قد جهزت حماماً ساخناً دافئاً … و قد امتلأت أرجاءه بالروائح العطرية الساخنة و المثيرة ..

جلست فيه ساعة كاملة … كم أنا متعب .. و في هذه الساعة استرجعت جميع المشاهد التي مرت بي اليوم … غالية … و الدماء التي غرفت بها … العملية … المستشفى … منال … الفستان الأحمر … الحذاء ذو الشرائط … العشاء … آآآآآه راسي يكاد ينفجر … آآآآه عذاااااااب …

ثم ما لبثت ان انتشرت افكاري المتضاربة في ارجاء الحمام … بعد أن سمعت طرقات منال على الباب … تناديني و تذكرني بالعشاء …

منال .:

اليوم رجع زوجي للبيت مرهقاً تبدو عليه علامات الحزن … حتى قليل الفهم يستطيع ان يرى جبال الهموم التي يحملها فوق ظهره … بالطبع … فهذا حال العاشقين يا يوسف … هذا حال الخائنين … و الآن و بعد أن قضى اليوم بطوله معها يأتيني متعباً لا يقدر ان يفرد ظهره … أو يصلب طوله … و لكن لن أدعه لها … سأتغدى به قبل ان تتعشى به … هذا زوجي و أنا الأحق فيه … أعترف أنني قصرت كثيراً بحقه و لكني من اليوم سأبدأ صفحة جديدة … لن أدعها تتهنى به … تلك العشيقة الساقطة … لن اتركه … هو لي و سيعود لي كالطفل الصغير … أنا من علمته أساسيات الحب و ألف باء الزواج و الجنس … أنا أول من بدأت معه حوار المتزوجون و أنا أول امرأة في حياته و سأكون الوحيدة و الأخيرة …

لن أسمح لها أن تقتحم حصني … لن أسمح لها أن تخرب بيتي و تهدم كل ما بنيته سنوات طويلة … فبعد ان صبرت عليه في أصعب ظروفه و صنعته رجلاً عظيماً … هل أتركه لها …؟ لن أفعل … و سأقاومها بكل ما اتاني الله من قوة و من اساليب … هي من ابتدأت و البادي أظلم …

اليوم يومك يا يوسف … اليوم ستعرف من هي منال … و ستعرف تلك الساقطة بائعة الهوى ما هو جزاء من ترمي شباكها لاصطياد زوج غيرها ….

اليوم جاءت امرأة غريبة الأطوار … تشاجرت مع رجال الأمن بالمستشفى و سببت الازعاج لكثير من المرضى … و كنت قد استيقظت من النوم للتو بعد أن أعطوني ابرة تحتوي على دواء مخدر الليلة الماضية … و ما أن وعيت على صراخها حتى فوجئت بها تتهجم على غرفتي امام ابني وليد الذي كان يبيت معي … و تنعتني بأبشع الألفاظ …

“أيتها الساقطة اللعينة يا ابنة الهوى … يا فتاة الـ… يا ابنة الـ…. كيف تتجرئين على التدخل في حياتي و سرقة زوجي مني … ألا تخجلين من نفسك …؟ فعلاً الي اختشوا ماتوا … و امثالكِ اصبحن منتشرات في الـ… “

ثم القت على وجهي كيساً أسود اللون

– “خذي هذا عله يكفيكِ و يبعد شرك عنا …”

و خرجت و هي تتلفظ بالفاظ بذيئة و ترفع يديها تدعي علي و على والدي …

من هول صدمتي و مما رأيت من انفعال لا يد لي به … أصابتني نوبة هلع و دخلت في حالة هستيرية لا أعلم كيف فقدت السيطرة على نفسي … فسرت الرجفة بأوصالي … و صرت أنتفض … و طفلي وليد يصرخ ينادي على طاقم التمريض الذين اتوا على عجالة و غرسوا بعروق يدي ابرة مسكن كبيرة و سريعة المفعول … هدأت أعصابي و ذهبت بجميع حواسي … و نمت كالجثة …

استيقظت في اليوم التالي … كان ابي يجلس بجانبي … شعرت أن جبلاً كبيراً يقف شامخاً على صدري … و بجفاف حاد في جسدي النحيل … أمسك أبي بيدي و صار يتحسسها بعطف ثم شعرت بدموعه الساخنة تتساقط على ظاهر كفي البارد … بلعت ريقي بصعوبة …

– ممــ مــ ـ ـاء … عــ طـ … عطشــ ـ ـ ـانة

مد لي طفلي خالد الماء لم أستطع أن أرى وجهه جيداً … و عندما لاحظ ذلك طفلي النبيه … قال بصوت حنون و هاديء كما اعتدت عليه …

-لا تقلقي يا أمي أنا خالد … انا معك لن اتركك …

نظرت بعينين شبه مغلقتين في الحجرة فوجدت أبنائي جميعهم يقفون حولي … خائفون يتربصون استيقاظي … قفز على سريري صغيري النسخة المصغرة من أبيه “عبدالرحمن الصغير” … أحسست أنه يرغب باحتضاني و لكنه يخاف ان يؤذيني فمددت يدي اليه آذنة له بالقاء جسده الصغير بين ذراعي … ابتسم ببراءة و جاء يحتضنني بحب … في هذه اللحظة … زارني طيف والده … و لم أتمالك الدموع الساخنة …

أبي و أولادي الأربعة يجتعون حولي … أي خير أريد أكثر … وجودهم بجانبي بعافيتهم يكفيني و لا أطمع بالمزيد … نظرت للسماء أحمد الله الذي حفظهم أثناء مرضي و في غيابي …

ثم تذكرت ما حدث بالأمس … عرفت انها زوجة يوسف هي التي أتت و أهانتي أمام الجميع حتى أطفالي … لم تراعي أي شخص مريض او صحيح … و لم تلقي بالاً لحالتي الصحية … لا تعرف أن لاذنب لي …

أما الكيس الأسود … كان جلياً ما يحتويه من أوراق نقدية … كثيرة و مبعثرة …

كم شعرت بالاهانة … فلست أنا الانسانة التي تظنني … جرحت مشاعري بعنف و بدون رحمة … و لكني أعذرها و أسامحها … هذا زوجها و تريد أن تحافظ عليه …

“أين انت يا عبد الرحمن لترى الى أي درجة تدنى حال زوجتك؟! “

………….

بعد أسبوعين

خرجت اليوم من المستشفى و بدأت أستعيد صحتي … الحمد لله الجرح لم يكن غائراً جداً … و لكن الدماء التي فقدتها تسببت لي بفقر دم دائم و هبوط مستمر بالضغط …

بحثت عن عنوان يوسف … وجدته أخيراً … أرسلت طرداً صغيراً الى زوجته التي لا أعرف اسمها … وضعت فيه مبلغ المال الذي ألقته بوجهي و ورقة صغيرة كتبت فيها “لا أعرف زوجك و لم أره في حياتي من قبل … وجوده في المستشفى يوم دخولي الطوارئ كان قدراً لا يد لي فيه … و يمكنك التأكد من ذلك بنفسك … فأنا لست سارقة للرجال و لن أكون يوماً … “

في تلك الفترة حاول يوسف الاتصال بي و زيارتي في عملي و لكني رفضت مقابلته و غيرت رقم هاتفي و ظللت أتهرب منه حتى يأس … نعم أحببته و ما زلت أحبه و لن أنسى دمه الذي منحني اياه في أشد الظروف … و لن أنسى مواقفه النبيلة … و لكنني انسانة مثل زوجته و أشعر بنار الغيرة التي تحرق قلبها … يكفيني أننا التقينا في زحمة هذه الحياة … يكفيني أنه رغبني و طلبني للزواج … يكفيني حبه و عطفه و رجولته في زمن قل فيه الرجال … و لكنه ليس نصيبي … أبي و أولادي هم همي الأول … أسأل الله أن يعوضني بهم خيراً …

انتَ ما انتَ انسان أكثر

قلبي مو من قلبك أصغر

و مثل ما تشعر تأكد اني أشعر

فيني منك فيك مني

غصب عنك غصب عني

التقينا و اللقا قسمة مقدر

…………………………………..

بعد 20 سنة …

اليوم قررت أن أصنع وجبة الغداء التي يفضلها أولادي “كبسة الروبيان” تماماً كما كان يحبها أبوهم … فهم سيجتعون على الغداء عندي …

خالد 29 سنة طبيب و جراح قلب و أوعية دورانية متزوج و له طفلان

وليد 27 سنة كاتب و محلل سياسي و مدير مركز للدفاع عن الحريات متزوج و له طفلة

عُمر 25 سنة مهندس صناعي و مدير شركة للنفط و الغاز حديث عهد بالزواج

عبدالرحمن 23 سنة مهندس برمجيات و مطور برامج حاسوبية …

بالرغم من الحاحي المستمر عليه بالزواج و تكوين اسرة كما فعل اخوانه و لكنه يؤجل فكرة الزواج حالياً لأنه لا يريد لامرأة أن تقتحم وجود امه و تربعها على عرش قلبه … حنوووون حنووووون … لا يشبه أباه بالشكل فقط و لكن حتى بأفعاله …

اما أبي فقد توفي رحمه الله بعد ان اطمئن انني أستطيع ان اربي اولادي بنفسي …

تتساءلن … أين يوسف و ماذا جرى له ؟

بقي يوسف يحاول مقابلتي و اجراء اتصال معي … لم يعرف لماذا أتهرب من لقاءه … كانت تأتيني لحظات عاطفة قوية و ضعف و أتمنى أن ارجع اليه و ارتمي باحضانه … ثم اسال الله ان يقويني … و أبتعد …

لقد تركته رغماً عني لظروف أقوى مني و منه … خفت انني لو حادثته او شرحت له موقفي أن يلين قلبي فأعود له … تركته ليعيش حياته بهناء بعيداً عني و عن حاجتي اليه … تجنبت أي لقاء معه حتى لا يلاحظ حبي له الظاهر بعيني و الذي لن اتمكن من اخفائه … تركته لها و تركت الوحدة و الجنون يتربصان بي … كله لأجلك يا يوسف … فلست أنا من تفسد حياة الآخرين …

منذ أيام شاء الله ان أقابله في احدى الحدائق العامة … كنت أتمشى مع ابني عبد الرحمن … رأيته … عرفته فوراً لأن صورته لم تفارقني … تملكني احساساً رائع و كأن قلبي عاد للحياة بعد موت … يبدو شاباً بالرغم من تقدم العمر … وجدته ينظر لي بالمقابل … كانت معه فتاة صغيرة و جميلة … اقترب مني و القى السلام علينا … عندها شعرت ببرودة تسري بأطرافي … انه ليس نفس احساس الحب القديم … بل هو احساس جديد … ربما يكون الشوق … ربما يكون الندم على الأيام التي مضت و أنا بعيدة عنه … نعم لازلت أحبه و لكنني ضحيت بسعادتي من أجله و من أجل زوجته و أولاده … و لكن من يدري أين الخير … هو مشتاق أيضاً … لازلت أرى لمعة الحب في عينيه …

-يوسف … ؟

-غالية … !

و ساد الصمت …

ثم تدارك يوسف و نادى “ديما” ابنته … عرفها علينا … و اقترح أن نجلس جميعاً بمقهى بالقرب من الحديقة …

تحدثنا كثيراً و استرجعنا الأيام الخالية … لم تمر دقيقة معه بدون أن يضحكني …

عرفت أنه طلق زوجته بعد خمس سنوات من الحادثة لأنها كما قال لا تفهمه … يوماً يشعر انها تحبه و مهتمة به و أياماً كثيرة يختنق من تسلطها و جبروتها …

بدا عبد الرحمن معجباً ب”ديما” مهتماً بها … فتاة ناعمة و رقيقة جداً … تبلغ من العمر عشرون عاماً … تضحك ببراءة و عذوبة لم أر لها مثيل …

اما يوسف … فلازال يتمتع بروح الدعابة و المرح و الحديث اللذيذ …

-“ربما لهذا السبب حافظت على شبابك”

قلتها بعفوية … فرد فوراً …

– “لأنني أعرف أنه سيأتي يوماً تعودين الي”

لمعت دمعة بعيني … ثم ابتسمت له …

فأردف …

-“أنا منك و أنتِ مني و لو ابتعدتُ عنكِ و غبتِ عني …”

نظرت له بحب …

-“أنتَ مني … و دمك الغالي يجري في عروقي …”

قال بحنان و صوت مثير …

– “غالية … تتزوجيني …؟”

آآآه يا قلبي … حقاً يطلب يدي مرة أخرى … اختلطت مشاعري و تذكرت اليوم الذي طلب فيه يدي بمقر عملي … و كيف تضاربت الأحاسيس بقلبي … و لكن الظروف اختلفت الآن …

احمرت وجنتاي و هززت رأسي بـــ “موافقة” …

تزوجت أخيراً بيوسف … و تزوج عبدالرحمن من ديما … و عشنا نحن الأربعة تحت سقف واحد …

الأن لعبدالرحمن و ديما طفلان … بنتاً رقيقة اسمها غالية … و صبياً رائعاً اسمه يوسف …

(النهاية)

11 تعليق to “تابع قصة / أنا منك و انت مني”

  1. ريوم مارس 19, 2010 في 10:01 م #

    قصه ولا اروع الله جمع القلوب اللي تناسب بعظهااااا سبحانه

    شكرا ياغاليه…. فلقد اتحفتنا بتحفة تثلج القلب وتوعده

    بلقاء الاحباء مهما طال البقاء………..

    • (A7LA) مارس 24, 2010 في 2:09 م #

      كم أسعدني ردك و رأيك في القصة غاليتي ريوم ..

      و أحببتك متابعتك .. أتمنى أن يقدرني الله على كتابة المزيد من القصص ..

      تقبلي حبي

  2. ام عمر مارس 29, 2010 في 11:10 م #

    قصة رائعة لي بعض الملاحظات البسيطة على بعض الامور

    اما موضوع القصة فهو الاهم

    للاسف ليست امهاتنا كغالية

    فمن يتوفى زوجها تعتبر الاقتران بغره جريمة

    بل انها تكبت اي احساس واي مشاعر تتولد لديهااا

    تعيش نعم

    لكنها حرمت نفسها من دور الزوجة والحبيبة

    واكتفت بدور الام

    خوفا على طفالها من الضياع والظلم

    وهذا لم يكن ليحدث في زمن الرسول عليه السلام

    فمن يتزوج امراة لها اولاد فانه يعتبرهم اولاده ولا

    يظلمهم ولا يضرهم

    كما هو حال اغلب ازواج الامهات

    كم هو عظيم اسلامنا حين سمح لمراة ان تشعر وتعيش حياتها

    بعد وفاته او طلاقها منه

    وخير مثال الصحابية الجليلة التي تزوجت

    اكثر من صحابي وكانت تنجب من كل منهم

    ولم يعب عليها احد

    يسلموووووووووووووو

    • (A7LA) أفريل 1, 2010 في 12:33 م #

      فعلاً غاليتي

      أيام الرسول صل الله عليه و سلم و الصحابة كانت المرأة تتزوج من أكثر من رجل

      تترمل فتتزوج و تتطلق فتتزوج و لم يعب عليها أحد مثلما تقولين تماماً

      أما اليوم فما أن تتطلق المرأة أو تترمل فيعني ذلك أن حياتها انتهت و يجب أن تقضيها في تربية الأبناء و فقط

      و لكن هل المرأة تختلف عن الرجل بهذه الناحية؟

      في رأيي لا يوجد اختلاف

      كلاهما مكمل للآخر

      هذا ما خلق الله عليه الطبيعة البشرية و جعلها من الزوجين الذكر و الأنثى

      المرأة تحتاج لرجل في حياتها يعينها على قسوة الدنيا و مصائبها

      يقف بجانبها و يستوعب تقلبات أمورها

      و يحتاج الرجل للممارسة الجنسية الحلال مع امرأة محبة عطوفة وودودة

      علاقتهما مكملة كما جبلهما الله عليها

      تحياتي لكِ غاليتي أم عمر و تقديري لمشاركتك الرائعة

  3. عذابـــه أفريل 18, 2010 في 6:54 ص #

    قدر الله ما شاء فعل ..

    غلطة عمرها انها رفضت تتزوجه وضيعت شبابها وشبابه ..

    الريال إذا طلب يتزوج الثانيه فهو محتاج للزوجه الثانيه وإذا ما خذ الأولى بياخذ الثانيه .. بس يوسف لأنه يحب غاليه ما قدر يتزوج بغيرها

    أما منال كانت تقدر تعيش زوجها كل ليله مثل الليله الحمرا .. وتحتويه ، مثل ما سوتها مره تقدر تسويها كل مره
    بس صاحب الطبع ما يوز عن طبعه . . الله يهديها

    اشكرج على هالقصه .. والله يحسن خلقنا ويصبرنا على ازواجنا ونكون لهم الزوجه والحبيبه اقصد العشيقه 😉

    • (A7LA) أفريل 19, 2010 في 10:09 ص #

      قدر الله عزيزتي عذابه

      فربما لو قبلت به انذاك لم تتح لها فرصة التركيز على ابناءها و تربيتهم بطريقة صحيحة ترضى عنها

      سعيدة بمتابعتك و تعليقك 🙂

  4. يتيمة الفرحة جوان 9, 2010 في 11:40 م #

    قصة حلوة وجميلة لكن معقول باقي في حب كذة هذه الايام
    اااه ذكرتني بقصتي مع زوجي ولما حب غيري وفكر يرتبط فيها مع اننا في مجتمع سعودي
    بس اش تقولي عادانا اول كنت احارب اللي تفكر تاخذه مني بس الحين بالعافية عليهم

    ما صرت ادور عليه لن الخاين استحالة يتغير وربناكريم

  5. سارروووووووونة جوان 10, 2010 في 2:58 م #

    قصة أكثر من رائعة ….
    أشكرج غاليتي أحلا على القصة اللي فيها أكثر من عبرة …
    صدق إن الأنثى ما تسوى شي بدون الذكر ..

    • (A7LA) جوان 13, 2010 في 6:46 م #

      حياكِ الله يا سارونة و مرحباً بتواجدك دائماً
      لقد استخلصتِ عبارة فريدة و هي أن الأنثى تحتاج لوجود الرجل في حياتها
      سواء زوج او اب او اخ ..
      سبحان الله
      اتمنى ان تتابعيني ففي هذه القصة الكثير لتقرئيه

  6. زهرة الليلك جوان 11, 2010 في 2:17 م #

    قصة حقا رائعة
    وانتي تصفين عبد الرحمن معها تخيلت زوجي فعلا على الرغم من خيانته الا انه لا يرضى المذلة لي غير تدليلي لاخر درجة ,, لم يجعلني احتاج لاي احد في الدنيا حتى اهلي وكنت اعتقد انني ملكته دائما اقسم بالله انني لم اقصر معه بشئ على العكس وقفت دائما بجانبه لانه دائما يقف بجانبي
    الا انه احب صديقتي فجاة ودون اي مقدمات الامر الذي كسر وحطم كل سنين عمرنا مرة واحدة
    حسبي الله ونعم الوكيل
    لا استطيع الاكمال فدموعي تنهمر من تاثري بالقصة
    شكرا لك حقا فانت مبدعة
    زهرة

    • (A7LA) جوان 13, 2010 في 6:52 م #

      غاليتي زهرة
      كم يؤسفني شعورك هذا
      اعلمي يا غالية ان زوجك ما زال يحبك و يخاف عليك و لن يتركك تحتاجين لأحد حتى لأهلك
      الرجل قادر على ان يحب اكثر من امراة بوقت واحد
      ثم ما يدريكِ لعلها نزوة و سيعود نادماً مشتاقاً
      ادعي الله ان يربط على قلبك و ان يسكن المك و يفرج همك عاجلا غير اجل

اترك رداً على (A7LA) إلغاء الرد